فصل: التفسير الإشاري:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج ابن المبارك عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه أن لقمان عليه السلام كان يقول: اللهم لا تجعل أصحابي الغافلين، إذا ذكرتك لم يعينوني، وإذا نسيتك لم يذكروني، وإذا أمرت لم يطيعوني، وإن صمت أحزنوني.
وأخرج الحكيم الترمذي عن معتمر عن أبيه أن لقمان عليه السلام قال لابنه: يا بني عود لسانك أن يقول: اللهم اغفر لي. فإن لله ساعة لا يرد فيها الدعاء.
وأخرج الخطيب عن الحسن رضي الله تعالى عنه قال: قال لقمان عليه السلام لابنه: يا بني إياك والدَيْن فإنه ذُلُّ النهار هَمُّ الليل.
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال: قال لقمان لابنه: يا بني ارج الله رجاء لا يجرئك على معصيته، وخف الله خوفًا لا يؤيسك من رحمته.
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه قال: قال لقمان عليه السلام: إذا جاءك الرجل وقد سقطت عيناه فلا تقض له حتى يأتي خصمه قال: يقول لعله أن يأتي وقد نزع أربعة أعين.
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه قال: قال الله عز وجل «يا ابن آدم خلقتك وتعبد غيري، وتدعو إلي وتفر مني، وتذكرني وتنساني هذا أظلم ظلم في الأرض» ثم يتلو الحسن {إن الشرك لظلم عظيم}.
{وَوَصَّيْنَا الْإنْسَانَ بوَالدَيْه حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفصَالُهُ في عَامَيْن أَن اشْكُرْ لي وَلوَالدَيْكَ إلَيَّ الْمَصيرُ (14)}.
أخرج أبو يعلى والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن أبي عثمان النهدي قال: إن سعد بن أبي وقاص قال: نزلت هذه الآية {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا} كنت رجلًا برًا بأمي، فلما أسلمت قالت: يا سعد وما هذا الذي أراك قد أحدَثْتَ؟ لتَدَعَنَّ دينَك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فَتُعَيَّرَ بي، فيُقال يا قاتل أمه قلت: يا أمه لا تفعلي فإني لا أدع ديني هذا لشيء، فمكثت يومًا وليلة لا تأكل، فاصبحت قد جهدت، فمكثت يومًا آخر وليلة وقد اشتد جهدها، فلما رأيت ذلك قلت: يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا ما تركت ديني هذا لشيء، فإن شئت فكلي وإن شئت فلا تأكلي، فلما رأت ذلك أكلت. فنزلت هذه الآية.
وأخرج ابن عساكر عن سعد قال: نزلت فيَّ أربع آيات: الأنفال {وصاحبهما في الدنيا معروفًا} والوصية والخمر.
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال: نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه {وإن جاهداك على أن تشرك بي}.
وأخرج ابن سعد عن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال: جئت من الرمي فإذا الناس مجتمعون على أمي حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس، وعلى أخي عامر حين أسلم فقلت: ما شأن الناس! فقالوا: هذه أمك قد أخذت أخاك عامرًا تعطي الله عهدًا: أن لا يظلها ظل، ولا تأكل طعامًا، ولا تشرب شرابًا حتى يدع الصباوة. فأقبل سعد رضي الله عنه حتى تخلص إليها فقال: علي يا أمه فاحلفي قالت: لم؟ قال: أن لا تستظلي في ظل، ولا تأكلي طعامًا، ولا تشربي شرابًا، حتى تريْ مقعدك من النار: فقالت: إنما أحلف على ابني البر. فأنزل الله: {وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفًا} إلى آخر الآية.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وهنًا على وهن} قال: شدة بعد شدة، وخلقًا بعد خلق.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله: {وهنًا على وهن} قال: ضعفًا على ضعف.
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وهنًا على وهن} قال: مشقة وهو الولد.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {وهنًا على وهن} قال: الولد على وهن؟ قال: الوالدة وضعفها.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله: {وصاحبهما في الدنيا معروفًا} قال: تعودهما إذا مرضا، وتتبعهما إذا ماتا، وتواسيهما مما أعطاك الله {واتبع سبيل من أناب إليَّ}.
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله: {واتبع سبيل من أناب إليَّ} قال: محمد صلى الله عليه وسلم.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إنها إن تك مثقال حبة من خردل} قال: من خير أو شر {فتكن في صخرة} قال: في جبل.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: الأرض على نون، والنون على بحر، والبحر على صخرة خضراء، فخضرة الماء من تلك الصخرة قال: والصخرة على قرن ثور، وذلك الثور على الثرى، ولا يعلم ما تحت الثرى إلا الله. فذلك قوله: {الله له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى} [طه: 6] فجميع ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى في حرم الرحمن، فإذا كان يوم القيامة لم يبق شيء من خلقه، قال: {لمن الملك اليوم} فيهتز ما في السموات والأرض فيجيب هو نفسه فيقول: {لله الواحد القهار}.
وأخرج الفريابي وابن جرير عن أبي مالك رضي الله عنه {يأت بها الله} قال: يعلمها الله.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {إن الله لطيف} قال: باستخراجها. قال: بمستقرها.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {وأمر بالمعروف} يعني بالتوحيد {وانه عن المنكر} يعني عن الشرك {واصبر على ما أصابك} في أمرهما يقول: إذا أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر، وأصابك في ذلك أذى وشدة، فاصبر عليه {إن ذلك} يعني هذا الصبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {من عزم الأمور} يعني من حق الأمور التي أمر الله تعالى.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله: {واصبر على ما أصابك} من الأذى في ذلك {إن ذلك من عزم الأمور} يقول: مما عزم الله عليه من الأمور، ومما أمر الله به من الأمور.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر والخطيب في تالي التلخيص عن أبي جعفر الخطمي رضي الله عنه أن جده عمير بن حبيب وكانت له صحبة أوصى بنيه قال: يا بني إياكم ومجالسة السفهاء فإن مجالستهم داء، إنه من يحلم عن السفيه يسر بحلمه، ومن يحبه يندم، ومن لا يقر بقليل ما يأتي به السفيه يقر بالكثير، ومن يصبر على ما يكره يدرك ما يحب، وإذا أراد أحدكم أن يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن المنكر فليوطن نفسه على الصبر على الأذى، وليثق بالثواب من الله، ومن يثق بالثواب من الله لا يجد مس الأذى.
وأخرج الطبراني وابن عدي وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله: {ولا تصعر خدك للناس} قال: «ليّ الشدق».
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تصعر خدك للناس} يقول: لا تتكبر. فتحقر عباد الله، وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {ولا تصعر خدك للناس} قال: هو الذي إذا سلم عليه لوى عنقه كالمستكبر.
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {ولا تصعر خدك للناس} قال: الصدود والإعراض بالوجه عن الناس.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {ولا تصعر خدك للناس} يقول: لا تعرض وجهك عن فقراء الناس تكبرًا.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله: {ولا تصعر خدك للناس} قال: ليكن الفقير والغني عندك في العلم سواء، وقد عوتب النبي صلى الله عليه وسلم {عبس وتولى}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {واقصد في مشيك} قال: تواضع.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه في قوله: {واقصد في مشيك} قال: يعني السرعة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله: {واقصد في مشيك} يقول: لا تختال: {واغضض من صوتك} قال: اخفض من صوتك عن الملأ {إن أنكر الأصوات} قال: أقبح الأصوات {لصوت الحمير}.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله: {واقصد في مشيك} قال: نهاه عن الخيلاء {واغضض من صوتك} قال: أمره بالاقتصاد في صوته {إن أنكر الأصوات} قال: أقبح الأصوات {لصوت الحمير} قال: أوّله زفير وآخره شهيق.
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله: {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} قال: أنكرها على السمع.
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري رضي الله عنه قال: صياح كل شيء تسبيحه إلا الحمار.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال: لو كان رفع الصوت خيرًا ما جعله الله للحمير. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
قوله: {إنَّهَآ إن تَكُ} ضميرُ القصة. والجملةُ الشرطيةُ مفسّرةٌ للضمير. وتقدَّم أنَّ نافعًا يقرأ: {مثْقال} بالرفع على أنَّ كان تامةٌ وهو فاعلُها. وعلى هذا فيُقال: لمَ لَحقَتْ فعلَه تاءُ التأنيث؟ قيل: لإضافته إلى مؤنث، ولأنه بمعنى: زنَةُ حَبَّة. وجَوَّز الزمخشري في ضمير {إنها} أَنْ تكونَ للهنَة من السَّيّئات أو الإحسان في قراءة مَنْ نصب {مثْقال}. وقيل: الضميرُ يعودُ على ما يُفْهَمُ منْ سياق الكلام أي: إنَّ التي سألْتَ عنها إنْ تَكُ. وفي التفسير: أنه سأل أباه: أرأيتَ الحبة تقع في مَغاص البحر: أيعلُمها اللَّه؟
وقرأ عبد الكريم الجَزَريُّ {فَتَكنَّ} بكسر الكاف وتشديد النون مفتوحةً أي: فتستقرَّ. وقرأ محمد بن أبي فجة البعلبكي {فَتُكَنَّ} كذلك إلاَّ أنه مبنيٌّ للمفعول. وقتادة {فَتَكنُ} بكسر الكاف وتخفيف النون مضارعَ وَكَنَ أي: استقرَّ في وَكْنه ووَكْره.
قوله: {منْ عَزْم} عَزْم مصدرٌ. يجوزُ أَنْ يكونَ بمعنى مفعول أي: منْ معزومات الأمور أو بمعنى عازم كقوله: {فَإذَا عَزَمَ الأمر} [محمد: 21] وهو مجازٌ بليغٌ. وزعَم المبرد أنَّ العينَ تُبْدَلُ حاءً فقال: حَزْمٌ وعَزْمٌ. والصحيحُ أنهما مادَّتان مختلفتان اتَّفَقتا في المعنى.
قوله: {وَلاَ تُصَعّرْ} قرأ نافعٌ وأبو عمروٍ والأخَوان {تَصاعَرَ} بألفٍ وتخفيف العين. والباقون دون ألفٍ وتشديد العين، والرسمُ يَحْتملُهما؛ فإنَّ الرسمَ بغير ألفٍ. وهما لغتان: لغةُ الحجاز التخفيفُ، وتميمٌ التثقيلُ. فمن التثقيل قوله:
وكُنَّا إذا الجبارُ صَعَّر خَدَّه ** أقَمْنا له منْ مَيْله فَيُقَوَّمُ

ويقال أيضًا: تَصَعَّر. قال:
أَقَمْنا له منْ خَدّه المُتَصَعّر

وهو من المَيْل؛ وذلك أنَّ المتكبّر يَميل بخَدّه تكبُّرًا كقوله: {ثَانيَ عطْفه} [الحج: 9]. قال أبو عبيدة: أصلُه من الصَّعَر، داءٌ يأخُذُ الإبلَ في أعناقها فتميلُ وتَلْتوي. وتفسيرُ اليزيديّ له بأنَه التَّشَدُّقُ في الكلام لا يوافقُ الآية هنا.
قوله: {واقصد} هذا قاصرٌ بمعنى اقتصدْ واسْلُكْ الطريقةَ الوُسْطى بين ذلك قَواما. وقرئ: {وأَقْصدْ} بهمزة قطعٍ، منْ أَقْصَدَ إذا سَدَّدَ سهمَه للرَّمْيَة.
قوله: {منْ صَوْتك} تبعيضيَّةٌ. وعند الأخفش يجوزُ أَنْ تكونَ مزيدةً. ويؤيّدُه {يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ} [الحجرات: 3] وقيل: {منْ صوتك} صفةٌ لموصوفٍ محذوفٍ أي: شيئًا منْ صوتك وكانت الجاهليةُ يتمدَّحون برفع الصوت قال:
جَهيرُ الكلام جَهيرُ العُطاس ** جَهيرُ الرُّواء جَهيرُ النّعَمْ

قوله: {إنَّ أَنْكَرَ} قيل: {أنكَر} مبنيٌّ للمفعول نحو: أَشْغَلُ منْ ذات النَّحْيَيْن. وهو مختلَفٌ فيه. ووُحّد {صوت} لأنه يُرادُ به الجنسُ ولإضافته لجمع. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{يَا بُنَيَّ إنَّهَا إنْ تَكُ مثْقَالَ حَبَّةٍ منْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ في صَخْرَةٍ} إذا كانت ذرة أو أقل من ذلك وسبقت بها القسمةُ فلا محالةَ تصل إلى المقسوم له بغير مرية.
{إنَّ اللَّهَ لَطيفٌ خَبيرٌ} عالم بدقائق الأمور وخفاياها.
{يَا بُنَيَّ أَقم الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بالْمَعْرُوف وَانْهَ عَن الْمُنْكَر وَاصْبرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إنَّ ذَلكَ منْ عَزْم الْأُمُور (17)}.
الأمر بالمعروف يكون بالقول، وأبلغه أن يكون بامتناعك بنفسك عما تُنهى عنه، واشتغالك واتصافك بنفسك بما تأمر به غيرك، ومنْ لا حُكْمَ له عَلَى نَفسه لا ينفذ حكمه على غيره.
والمعروف الذي يجب الأمرُ به وما يُوَصّلُ العبدَ إلى الله، والمنكرُ الذي يجب النهي عنه هو ما يشغل العبدَ عن الله.
{وَاصْبرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} تنبيهٌ عَلَى أنَّ منْ قام بحق امْتُحنَ في الله؛ فسبيله أنْ يصبرَ لله- فإنْ منْ صبرَ لله لا يَخسر عَلَى الله.
{وَلَا تُصَعّرْ خَدَّكَ للنَّاس وَلَا تَمْش في الْأَرْض مَرَحًا إنَّ اللَّهَ لَا يُحبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (18)} يعني لا تتكبرْ عَلَى الناس، وطالعْهم من حيث النسبة والتحقق بأنكَ بمشهدٍ منْ مولاك. ومَنْ عَلمَ أنّ مولاه ينظر إليه لا يتكبرُ ولا يتطاول بل يتخاضع ويتضاءل.
{وَاقْصدْ في مَشْيكَ وَاغْضُضْ منْ صَوْتكَ إنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَات لَصَوْتُ الْحَمير (19)}.
كُنْ فانيًا عن شواهدك، مُصطَلَمًا عن صَوْلَتك، مأخوذًا عن حَوْلكَ وقوتك، مُنْتَشقًا مما استولى عليك من كشوفات سرّك.
وانظر مَنْ الذي يسمع صوتَكَ حتى تستفيق من خمار غفلتك؛ {إنَّ أَنكَرَ الأَصْوَات لَصَوْتُ الْحَمير} في الإشارة هو الذي يتكلم في لسان المعرفة من غير إذنٍ من الحقّ. وقالوا: إنه الصوفيُّ يتكلم قبل أوانه.
ويقال إنما ينهق الحمارُ عند رؤية الشيطان فلذلك كان صوته أنكرَ الأصوات. اهـ.

.التفسير الإشاري:

قال نظام الدين النيسابوري:
التأويل: {ويؤتون الزكاة} هي للعوام مقادير معينة من المال كربع العشر من عشرين، وللخواص إخراج كل المال في سبيل الله، ولأخص الخواص بذل الوجود لنيل المقصود {لهو الحديث} قال الجنيد: السماع على أهل النفوس حرام لبقاء نفوسهم، وعلى أهل القلوب مباح لوفور علومهم وصفاء قلوبهم، وعلى أصحابنا واجب لفناء حظوظهم. {وإذ قال لقمان} القلب {لابنه} السر المتولد من ازدواج الروح والقلب {وهو يعظه} أن لا يتصف بصفات النفس العابدة للشيطان والهوى والدنيا {في عامين} يريد فطامه عن مألوفات الدارين {وإن جاهداك} فيه أن السر لا ينبغي له أن يلتفت إلى الروح أو القلب إذا اشتغلا بغير الله في أوقات الفترات، فإن الروح قد يميل غلى مجانسة من الروحانيات، والقلب يميل تارة إلى الروح، وأخرة إلى النفس ولكنه يرجى الصلاة بعد الفترة، وأما السر فإذا زال عن طبيعته وهو الإخلاص في التوحيد فإصلاح حاله ممكن بعيد. {واتبع سبيل من أناب إليّ} وهو الخفي. {إنها إن تك} يعني القسمة الأزلية من السعادة وضدها {لصوت الحمير} قالوا: هو الصوفي يتكلم قبل أوانه. اهـ.